أفضل لاعب آسيوي في التاريخ — كلما ظهرت نقاشات حول لقب "الأعظم على الإطلاق"، لا بد أن تُثير الجدل والاختلاف.
فالأمر نسبي تمامًا، ويعتمد على معايير كل شخص: سواء أكانت الإنجازات الجماعية أم الجوائز الفردية.
ومع ذلك، يمتلك سون هيونغ-مين حُجّة قوية تجعله يستحق بجدارة لقب أعظم لاعب آسيوي في التاريخ، أو على الأقل أحد أبرز المرشحين لذلك.
واليوم، تنتقل أسطورته — في آسيا وبين جماهير توتنهام هوتسبير — إلى الولايات المتحدة.
فبعد وداع مؤثر مع السبيرز، تم الإعلان رسميًا عن الخطوة التالية في مسيرة سون يوم الأربعاء، حيث أكمل انتقاله إلى نادي لوس أنجلوس إف سي (LAFC) مقابل ما قالت مصادر لـ ESPN إنه أعلى صفقة انتقال في تاريخ الدوري الأمريكي، بلغت 26 مليون دولار.
وعلى مستوى عالمي، يُعد قائد منتخب كوريا الجنوبية نجمًا من الصف الأول دون شك.
فخلال العقد الماضي، تألق مع أحد أبرز أندية إنجلترا وأوروبا، رغم أن أول بطولة له مع النادي لم تتحقق إلا هذا الربيع عندما توج ببطولة الدوري الأوروبي.
وإذا اعتُبر الدوري الإنجليزي الممتاز أقوى دوري محلي في العالم، فإن موسم سون 2021-2022، حين تُوّج بالحذاء الذهبي (بالمناصفة مع محمد صلاح برصيد 23 هدفًا)، يُثبت مكانته كنجم عالمي من الطراز الأول.
باستثناء موسميه الأول والأخير مع توتنهام، لطالما سجل سون أرقامًا مزدوجة في عدد الأهداف بالدوري، رغم أنه لعب كثيرًا كجناح وليس كمهاجم صريح، وهو الدور الذي تولّاه فقط بعد رحيل هاري كين إلى بايرن ميونيخ.
وإذا كانت الثبات في الأداء من أبرز صفاته، فإن ميله إلى تسجيل الأهداف الاستثنائية هو ما جعله أيقونة لدى الجماهير.
خزانته مليئة بجوائز "هدف الموسم"، ويكفي القول إنه فاز بـ جائزة بوشكاش لأفضل هدف في العالم عام 2020، عن هدفه المذهل الذي انطلق فيه لمسافة 70 ياردة من قرب منطقة جزائه، متجاوزًا دفاع بيرنلي بأكمله قبل أن يضع الكرة بهدوء في الشباك.
تأمل إدارة LAFC والدوري الأمريكي (MLS) أن يجلب معهم سون مثل هذه اللحظات التاريخية إلى الملاعب الأمريكية.
الموهبة وحدها لا تكفي... العمل الجاد وراء نجم آسيا الأول
رغم أن موهبة سون لا جدال فيها، فإن ما جعله يصل إلى هذه المكانة هو العمل خلف الكواليس الذي لا يعرفه كثيرون.
فقد كشف سون سابقًا أن والده — وهو لاعب سابق — جعله يُمارس التمرير المتواصل (جوجلينغ) بالكرة لمدة 4 ساعات متواصلة عندما كان صغيرًا.
رغم غرابة هذه الطريقة، إلا أنها صقلت مهارته وتحكمه الفريد بالكرة، وزرعت فيه الانضباط والالتزام الشديد.
يقول تولغاي أرسلان، صديقه المقرب وزميله السابق في هامبورغ، لـ ESPN:
"كان واضحًا أن سوني يمتلك موهبة فريدة، لكن أوروبا مليئة بالمواهب. ما فعله والده من تدريبات شاقة هو ما أوصله لهذا المستوى. ولهذا أعتبره أعظم لاعب آسيوي على الإطلاق. الموهبة وحدها لا تكفي — بل العمل الشاق، الشاق جدًا".
هذه القناعة كانت حاسمة في قرار عائلته السماح له بترك المدرسة الثانوية في سيول بعمر 16 عامًا للانضمام إلى أكاديمية هامبورغ.
وبعمر 18، تألق بما يكفي ليخوض أول مباراة له كمحترف.
وسرعان ما بدأت المقارنات مع تشا بوم-كون، أسطورة كوريا الذي فاز ببطولتي يويفا في الثمانينات مع إينتراخت فرانكفورت وباير ليفركوزن.
وفي 2013، سار سون على خطى تشا وانتقل إلى ليفركوزن، قبل أن يخطفه توتنهام في 2015، ليبدأ تاريخه الأسطوري.
الدوري الإنجليزي لا يرحم... لكن سون صمد ونجح
الدوري الإنجليزي غالبًا ما يكون قاسيًا على اللاعبين الجدد.
وقبل سون بثلاث سنوات، انتقل الياباني شينجي كاغاوا من دورتموند إلى مانشستر يونايتد وسط ضجة إعلامية، لكن رغم فوزه بلقب الدوري في موسمه الأول، لم يثبت نفسه ورحل قبل وصول سون.
أما آخرون مثل دونغ فانعزهو وجونيشي إيناموتو فاعتبروا "صفقات تسويقية"، فيما لمع بعضهم في أندية متوسطة مثل شينجي أوكازاكي الذي فاز بالدوري مع ليستر سيتي.
بينما ناكاتا، الذي كان يمتلك شهرة عالمية، انتقل إلى بولتون بعد أن تراجعت مستواه ورغبته في كرة القدم.
سون واجه مصاعب مماثلة، حيث سجل 4 أهداف فقط في موسمه الأول، لكنه لم يستسلم.
وفي موسمه الثاني، سجل 14 هدفًا في الدوري و21 في جميع المسابقات، ومن هناك بدأ رحلة المجد.
هل هو أعظم لاعب آسيوي على الإطلاق؟
من منظور الإنجازات الجماعية، كثيرون سيختارون بارك جي-سونغ، الذي يُعد قدوة لسون، حيث فاز مع مانشستر يونايتد بـ:
4 ألقاب دوري إنجليزي 3 كؤوس رابطة لقب دوري أبطال أوروبا بل حتى يُقال إن أليكس فيرغسون ندم على عدم إشراكه ضد ميسي في نهائي 2011.
أما ناكاتا، فرغم قصر مسيرته، إلا أن لحظاته الحاسمة لا تُنسى، خاصة حين أنقذ روما من الخسارة أمام يوفنتوس وأسهم بفوزهم بلقب الدوري عام 2001.
ولا ننسى الإيراني علي دائي، الذي سجل 108 أهداف دولية، كرقم قياسي عالمي حتى تجاوزه كريستيانو رونالدو في 2021.
كما أن تشا بوم-كون لعب 308 مباراة في البوندسليغا — رقم صمد 30 عامًا كأكثر لاعب آسيوي مشاركة هناك.
لكن، رغم كل هؤلاء، لم يتم تصنيف أي منهم ضمن الأفضل في العالم في وقت ما.
أما سون، فربما استطاع الوصول لتلك المكانة.
في النهاية، ربما لا نحتاج لإجابة حاسمة على سؤال "من هو الأعظم؟".
لكن ما هو مؤكد أن سون هيونغ-مين هو أسطورة بحد ذاته.
وذلك هو الإرث الذي سيأخذه معه إلى LAFC والدوري الأمريكي.